الميلاد- إشراق وعي داخلي!

 

          في كل عام نحتفل بعيد الميلاد، آملين بأن يكون ميلاد وعي جديد، حتى بات أغلب الناس بجميع طوائفهم ومذاهبهم يحتفلون به ويقيمون له أشجاراً مضاءةً بشتى أنواع الأنوار، ومزينة بملائكة وأنجم برّاقة... وكأنهم بذلك يرمزون الى شجرتهم الباطنية... التي يجب أن يضيئوها بوعيهم المكتسب من خلال اختباراتهم الذاتية. بينما المغاور التي تشاد سنوياً بأشكال متعددة ترمز الى وعيهم الباطني الذي يجب أن يتفتح على إيقاع حكمتهم النابضة وعياً والمشرقة فهماً والمتجلية أعمالاً خيرة لتحمل إلينا جميعاً نور الوعي والتفتح الداخلي...

 

    والملفت للنظر في هذا العيد الكوني (25 كانون الأول) أنه يحمل في طيّاته ذكرى مولد شمسنا الظاهرية، حيث أعلن الإمبراطور أورليان من روما في العام  274 في مناسبة تدشين معبد إله الشمس عن قيام عيد ميلاد الشمس الذي لا يقهر   Natalis Solis Inviciti ثم جاء الملك قسطنطين في القرن الرابع وحوّل العبادة من الشمس الى المسيح. (كما ذكرت نشرة مطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت في العدد 49/1999- الأحد 5 كانون الأول(.

    لكن رغم ما أشارت إليه الكنيسة في نشرتها، تتعالى أصوات من هنا ومن هناك، تطالب بعدم كتابة "عبارة merry Xmas بهذا الشكل، بل على الشكل التالي merry christmas لأنها بدعة ضد ديننا جرّاء استبدال كلمة christ بعلامة X." كما ورد في جريدة الديار في مقال  بعنوان للتذكير : المسيح ليس X مجهولة! للأستاذ جورج بدر حداد (رئيس مكتب الطلاب في الرابطة السريانية) بتاريخ 17/12/ 2008.

 

وللتذكير نشير إن كلمة Christmas كانت تكتب cristes maesse في اللغة الإنكليزية القديمة، أي قداس المسيح، علماً أن كلمة مسيح في اليونانية تدعى . Xristos كذلك كلمة Noel  ككلمات كثيرة غيرها، هي كلمة مركبة من كلمتين، Nou أو Nous وEl أي إيل بالعربية. إيل هو اسم الإله الخالق عند الكنعانيين والفينيقيين. هو الإله لكل آلهة الأرض، كما يذكر د.فيليب حتي في كتابه ’لبنان في التاريخ‘. "وفي ضوء كل ما تقدم ظهر جلياً معنى كلمة EL-NO وهو باختصار ’عقل الإله‘، وجرى الاحتفال به يوم 25 كانون الأول (ديسمبر) من كل عام على أنه ميلاد السيد المسيح."

    لذلك قديماً حضارات عديدة قامت بعبادة الشمس كإله معظم، دون أن تدرك سر عظمته ولا الطريق التي تؤدي إليه. فبقدر ما نزداد حماساً لبلوغ الأسمى تنقشع الرؤية رويداً رويداً، وصولاً الى فهم سر الانعكاس X الذي يصلبنا عليه لاوعينا يومياً من أجل تفعيل المعرفة الكامنة في ذواتنا العليا عبر مدرسة النفس الدنيا حقل التطبيق العملي.

لذا قال طفل المغارة:" من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه وليحمل صليبه  ويمشي ".

ونحن بدورنا نقول من أراد المحبة-المعرفة فليحمل X بمعنى ألمه وجهله، ثم يفهمه ليشهد ولادة ميلاد وعي جديد في حياته!   

 

نشرت في موقع التيار الوطني الحر بتاريخ 26/12/2008

   

                                           المهندس طوني عبد النور

                                           أستاذ في الجامعة اللبنانية