حجاب المعرفة!

 

حجاب رقيق تدثّر به وجه منير جميل، كأنه شمس تشقّ عباب الكثافات...

حجاب لا يحجب الرؤية بل يمدّها بأنوار البهاء، كأنه شمعة تهب من وميضها شلالات أنوار...

حجاب لا يخفي بل يكشف مفاتن الجمال، من ارتداه لآل ظلام العقول الى فسحة ضياء.

كل من تدثّر به تحوّل من إنسان عادي الى آخر ينشد الكمال، كأن النور الذي غدا محجة له، أصبح له دليلاً الى عوالم السماوات...

حبذا لو يصبح الحجاب جمالاً... وهجه يضيء مجاهل الذات الإنسانية فترتديه جميع النسوة، وتخلع حجابها البشري الذي يمنعها من رؤية الحق. عندئذ تشعل ذكاءها، فتمدّده حسناً وجمالاً وهداية لأزواجها.

فلا يغدو الحجاب حاجباً للضوء، بل نوراً ملطفاً لقوة أنوار الوعي الكوني...

الشاعر اللبناني إبراهيم سمعان في كتابه لوّن الأشواك ذكر ما يلي:

"حجابك، يبرز، لا يحجب       ووجهك فيه، لكم يعذب!

 حجابك، بيت الضياء، تشعّين     فيه، كما الحلم المطلب"

فالحجاب، من وعي الإله، ينير عقول الضعفاء، آية جمال وبهاء، وهجه مسرّة للأتقياء، يوقظ لا يسقط وبهاؤه لكم يأسر!

فيا حجب كياني، استضيئي بأنوار الذكاء الأسمى، ليغدو كياني الباطني... وحدة تنبض على أنغام الوعي الكلي...

فحجاب المعرفة، كغيمة شتاء تمطر نوراً ووعياً ومعرفةً على صحارى اللاوعي الإنساني.

 

(نشرت في جريدة البلد بتاريخ 8/12/2004 وفي جريدة الديار بتاريخ11/12/2004)

 

المهندس طوني عبد النور

أستاذ في الجامعة اللبنانية