امرأة ولا كل النساء...

 

لطالما تحدث الكتاب، وتغزّل الشعراء، وعبّر الفنانون، وتفنّن العشّاق بوصف جمال المرأة، لعلهم  يكتشفون كنه هذا الجمال،سرّه ومنبعه، إشراقته وبهجته، عالمه وفضاءه، وتتحدّث عن أصالة المرأة وأهميتها في تكوين الأسرة والمجتمع وتشييد صرح الإنسان، لتأدية رسالة الحياة وهي محبة العطاء، ليبقى قلب الوجود نابضاً أبداً.

 

من جرح الظلام...

بزغ نور

فاستحال كائناً من ضياء

وتبدّى في أجمل مخلوق

تبدّى وعياً جمالياً

تململ الرجل بحبور !

وتنهد الفضاء عبير بخور

وانتشى الوجود بمباركة السماوات

فتجلّت حورية الزمان

حبيبتي، مكملتي، أناي!

 

هجعت في كياني فكرة، فاستفاقت لها أنشودة الهوى والهيام!

حبيبتي، أراك تسابقين السحاب، تجابهين الصعاب، تتلذذين باقتحام تجارب الحياة، فتتحول المعاناة لذة عطاء، وتفيض العيون بلآلئ الفرح وترسم على الوجوه اشراقة نور بعطاء ليس له حدود.

أنت من جبل العذاب بعرق السنين، فاستحال بخوراً يحرق على مائدة الحياة، يذكي الفكر، يضمّخ المشاعر ويفيض محبة تنضح في كل قلب.

أراك امرأة زيّنت معاناتها بعطائها فطاب ألمها، وشّته برؤى أحلامها، فاستحال واقعاً نابضاً بالحب، بهمسات من نور تجدّد عطاء الحياة.

 

فيا امرأة الزمان!

من أسمى منك ليرعاك؟!

من أطهر منك ليغرس فيك هيامه وعطفه؟!

من أنقى من ثغرك يلامس صفاء الأهداب؟!

من الذي يحضن لينشئ؟!

أين منك الذي يجعل من نفسه غذاءً لأبنائه من الينبوع الذي لا ينضب؟!

من يحرق نفسه ليجعل من حياته منارةً لأطفاله؟!

من؟!من؟!من؟!

أنت هي مكملتي، أراك تلتفين بعباءة المحبة، تتوشحين بهالة الصمت، تمتطين أجنحة الأثير فتنثرين محبتك معرفة تنير عقول الأجيال وتصقل نفوسهم، فتزداد بهاء،وترينا عالم الروح.

أنت من يمسح عرق جبيني بلهاث حبك فيغدو أريجاً عابقاً، يحيي النفس ويلهب القلب وينير الروح فيتحول التعب قوة، والشدة راحة والمشقة لذة!

أنت الموئل الذي تستكن فيه أحلامي وتحج إليه مشاعري.

أنت الليل الذي تستيقظ فيه أفكاري ويزهر فيه غرامي فأتوحد وإياك في منتهى الآفاق حيث الخلود مجد مستديم.

أنت من تشاركيني أفراحي وأتراحي، أفكاري ومشاعري، أعمالي ومشاغلي.

أحببتك كعشق الوتر للنغم.

أحببتك كعشق الصحراء للمطر.

أحببتك كعشق النسور للأعالي.

أحببتك...

فيا أيها الخالق، احفظ لنا أمهات جعلن ذواتهن جسور عبور الى قلبك، ولتتبارك كل امرأة رعت حبيباً أو زوجاً أو ابناً، رعتهم بعنائها وعطفها لتكتمل معها رسالة الحياة.

 

( نشرت في جريدة العمل بتاريخ 5/5/1995 )

( نشرت في جريدة  النهار بتاريخ 1/8/1995  )

 

المهندس طوني عبد النور

أستاذ في الجامعة اللبنانية