كوني أو لا تكوني...

 

كوني جزءاً مني أو لا تكوني.

كوني نبضات إحساسي، خلجات أفكاري، تسامي مشاعري.

كوني الفكرة التي من أجلها خلقنا ومن أجلها نعي حقيقة وجودنا...من أجلها نفهم حبنا ونعي مشيئة ارتباطنا...

من اجلها نعود شعاعاً مضمّخا ًبأريج المحبة، عابقاً بعطر الوعي الأسمى،

أو لا تكوني.

 

كوني بسمة على ثغر الوجود، أنشودة تنبض في كل قلب...لوعة تحيي كل عشق.

كوني محبة تستفيق فيّ! تضيء سراب أيامي وتزهر ورداً في آفاق ذاتي.

كوني محجة أحلامي وأفكاري، أعمالي ومشاغلي، وجودي وكياني، عالمي وفضائي، شمسي وشعاعي، سعادتي وانتشائي، نوري وضيائه،

أو لا تكوني.

 

كوني الرحيق الذي أرتشفه، الأريج الذي يضمّخني، الصمت الذي يستقر في كياني، الشمعة التي تضيء ظلمات أنفاسي.

كوني عشقاً يتدفق اشتياقاً، ينساب هياماً، يتأجج يتأوه من جوى الفراق.

كوني بلسماً لجرح الحبيب، رقة تتفتق من بواطن كل عشق...معرفة تنير شمس وعيي،

أو لا تكوني.

 

كوني همساً يردد لحن سيمفونية الوجود، يعزف أقصوصة تحاكي الحقيقة، يرنّم نشيداً كونياً قلما وجد في مخلوق.

كوني موسيقى الوجود تصدح في أعماقي، تهمس من خلالي وترنم في ذاتي،

أو لا تكوني.

 

كوني الهمس الذي ارقبه يسافر بي الى عوالم الحقيقة، النشيد الذي يبحث عن مكمله ليتردد في الوجود،

أو لا تكوني.

 

كوني نسمة، آهة محبة تحملني الى فضائك..ًملكةً تملك...تتملّك نفسي وذاتي، كياني ووجودي،

أفكاري ومشاعري،

أو لا تكوني.

 

كوني انبلاج وجودي، صوت ضميري ودفء أنفاسي.

كوني فجراً جديداً يضيء حياتي، يلهم أفكاري ويلهب مشاعري.

كوني موئل ذاتي، انبعاث أفكاري ورقرقة مشاعري،

أو لا تكوني.

 

كوني فريدة المعنى الذي يخفي الظاهر ويعكس أنواري.

كوني فريدة تسقيني أنفاس الوجود...

كوني فريدة

أو لا تكوني.

 

(نشرت بتاريخ 1/7/1995 في جريدة العمل)

(نشرت بتاريخ 11/7/1995 في جريدة النهار-ملحق نهار الشباب)                                                                                                          

المهندس طوني عبد النور

أستاذ في الجامعة اللبنانية