لوحات تجريدية للمحامي الفنان زيتوني
الفن عشق للجمال المطلق... ذلك المخبوء بين طوايا النسيان في ذاكرة الوجود! نراه يتمدّد الى عوالمه القصية منقباً عن كينونته مطلقاً إياه من قمقم لاوعيه... وكأن عمل كل فنان ينحصر في جلاء الغموض عن الجمال المتجلي في الإنسان والطبيعة والكون عبر سبره لبواطن وعيه... مكشّحاً الضبابية التي تلف وعينا الظاهري !
الأستاذ الفنان مفيد زيتوني، عشق الجمال كعشق الوردة للندى، والفراشة للنور، محاولاً من خلال لوحاته التجريدية، استكشاف جمالية الوجود، مستخدماً أشكالاً هندسية متعددة كالمربع والدائرة والمثلث وخطوط لولبية متداخلة ومتزاوجة فيما بينها، في إشارة الى حركة الوعي التي تسود عوالم وعينا الخفية... بينما ألوان رسوماته جاءت تعبيراً عن مستويات الوعي التي خاض غمارها فنّاننا.
فكانت ريشته خير معبّر عن إبداعاته وشفافية أفكاره، فنقلت إلينا توصلانه ومشاهداته الماورائية... من خلال لوحاته التجريدية التي تفيض بأضوائها علينا ألحاناً موسيقية صامتة، قلّ من استطاع التقاط نبضاتها، ما لم تتفاعل أجهزة وعيه الخفية... مع الإيقاع الموسيقي الصامت التي تميزت به لوحات الفنان.
فالجمال قمة التفاعل مع أبعاد الوجود وقمة التعبير اللوني الضوئي... وهذا ما ميّز مجمل لوحات المحامي الأستاذ مفيد زيتوني، لدرجة تكاد تخال أنك تحيا في حال وحدوية مع اللوحة، أو انك انتقلت الى عالم آخر مسحور بما تشاهده...
فنان بارع ماهر، عرف كيفية المزج بين الألوان، مثّل دور الخالق المبدع الذي مزج عناصر الكون ضمن نظام شمسي أو مجرة أو كوكب، لتبدو معظم لوحاته في تكامل انسيابي جمالي بين اللون والشكل، تكاد لا تستطيع الفصل بينهما. فيتناهى الى سمعك الجواني... تارة إيقاع نبضات موسيقية، وطوراً ألحان موسيقية لونية متراقصة.
لا بد أن رهافة مشاعر الفنان، وشفافية أفكاره قد توصلوا الى فكّ حجاب وعينا ولو موقتاً، لنرى إبداعات الخالق وهي تتجلى في لوحات فنية تجريدية مجرّدة من كل ما هو حسي ظاهري ملموس، مما مكّنها لتغدو معاينات ومشاهدات من عالم الباطن الخفي...
وكأن الفن كشف وتجلي لكل ما هو خاف عن أبصارنا، كونه موطن الجمال والألوهة، وهذا ما تميّزت به لوحات الفنان زيتوني، عبر استخدامه للأكريليك والكولاّج والألوان الزيتية، المعبّرة عن حركة أشكاله الهندسية، لعلها تكشف ما كمن من حقائق كونية في عوالم الفضاء والطبيعة.
إن لوحات فنّاننا، تعبير عن اتحاد صفات الضوء في عالم الحياة الأرضية، لعل أضوائها تسطع في نفوسنا إشراقة روحية تحلّق بنا نحو مطلق الجمال جوهر النور... موجد كل من الضوء واللون والشكل.
المهندس طوني عبد النور
أستاذ في الجامعة اللبنانية