بيضة الفصح...
عيد الفصح، قمة الأعياد، دونه لا معنى فعلي للديانة المسيحية. فهو يشير الى ارتفاع يسوع على الصليب وقيامته من القبر متغلباً على الموت حاملاً خطايا العالم ... المتمثلة بديون أعمالهم السابقة، من أجل مساعدة البشرية لبلوغ كمال وعيها .
نشرة مطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت عدد 16-2009 ورد فيها: "كلمة فصح هي اسم عبري معناه عبور، وقد وردت للمرة الأولى في سفر الخروج: وهكذا تأكلونه أحقاؤكم مشدودة وأحذيتكم في أرجلكم وعصيكم في أيديكم، وتأكلونه بعجلة، هو فصح للرب (خر 11:12 ). إن أصل هذه الكلمة لا يزال مجهولاً لكنها على الأرجح ترتبط بالفعل العبري ’فسح‘ الذي يعني: عرّج، قفز، عفا، خلص. "
وقد حدّد مجمع نيقية في عام 325 يوم الأحد، بعد اكتمال القمر في 21 آذار (عند الاعتدال الربيعي) أو بعده، عيد الفصح. أما في حال كان القمر بدراً في 20 آذار فيصبح العيد بعد 29 يوماً في 18 نيسان إلاّ إذا كان هذا النهار يوم أحد، عندئذ يؤجل الى الأحد القادم، فيصبح العيد في 25 نيسان، كما ذكر قاموس لاروس.
بينما لدى اليهود يشير الفصح الى خروجهم من أرض مصر الى أرض كنعان، بمعنى الخروج من العبودية الى الحرية.
لكن ما هو مميز في عيد الفصح لدى المسيحيين، أنهم يقومون بتوزيع البيض على سائر الأفراد.
فإلاَ مَ ترمز البيضة؟! ولماذا توزّع نهار الفصح؟!
ورد في الميتولوجيا الصينية، أن نظامنا الشمسي ولد من البيضة الكونية، رمز الحياة. وإن تأملنا في الطبيعة، سوف نجد أن هنالك فصائل حيوانية تتوالد من البيضة التي تضعها الأنثى.
المعلم يسوع عندما قام من القبر أشار بذلك الى العودة الى التجسّد، عندما قام بالجسد من القبر، مثلما تتوالد الحياة من البيضة... علماً أنه لم يمت كونه أصبح مسيحاً مخلصاً... لكن البيضة هي لتذكير الإنسان، بأن عليه أن يعود الى الحياة من خلالها ليصبح مثل المسيح، على صورته ومثاله إنساناً كاملاً بعد عبور مرحلة الصلب والجلجلة... اللذان يرمزان الى الألم، ليصل بعد ذلك الى كمال وعيه من خلال الاستنارة الداخلية، عندما يتحد مع نصفه الآخر الذي انشطر عنه في باكورة الوجود.
وهذا لا يتم دون العودة مجدداً الى البيضة التي تحتضنها أمه في أحشائها حوالي التسعة أشهر، طالما السلبيات لا تزال معششة في باطنه. بعد هذه المدة الزمنية، يخرج من بيضة أمه الى الحياة لتلقنه دروساً يختبرها عبر التطبيق العملي وهو يسير على درب الباطن، درب الاستنارة الداخلية... ألم يقل:" أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى ألآب إِلاَّ بِي. يوحنا 6:14." لأن يسوع وجميع من استناروا على هذه الدرب المقدسة من معلمين وأنبياء وأولياء ورسل وقديسين أصبحوا والطريق واحداً باتحادهم بالنور الكلي...
حركة صعود وهبوط هي الحياة، تشير الى حركة الذبذبة، تارة نولد في الماوراء، وتارة على الأرض مثلما يتعاقب الليل والنهار.
فمن بيضة (بويضة) الى أخرى يتنقل الإنسان، ريثما يصبح إنساناً يتوالد طوعاً من البيضة الكونية من أجل مساعدة الآخرين بعدما أنجز كماله الروحي... محققاً قيامة الوعي الصغرى في نفسه الدنيا وقيامة الوعي الكبرى في أجسام نفسه العليا، فلا تعوزه بعدئذ بيضة أم لتكوّن جسده المادي محتوى شعاعه الروحي بعدما اتحد بمصدره، البيضة الكونية التي أصبحت روحاً كلية، روح نظامنا الشمسي، موجدة الأشعة الروحية جمعاء... مصدر الحياة في هذا النظام المترامي الأبعاد...
المهندس طوني عبد النور
أستاذ في الجامعة اللبنانية