أسرار تكون الإنسان !...
لعل أبرز ما يدور في خلد الإنسان، سؤال يراود تفكيره، كيف وجد على كوكب الأرض والهدف من فكرة خلقه؟!
هل هو كائن مخلوق... أم إن ثمة معطيات ساهمت مباشرة في خلقه؟! أو هو نتيجة تفاعلات حدثت قديماً ... ساعدت في نموه وتمظهره على الشكل الحالي؟! أو كما يظن البعض، أننا خلاصة وعي كائنات متطورة كانت متواجدة سابقاً ؟!
جميع هذه التساؤلات لا تزال موضع شك، ريثما نصل إلى براهين علمية، تثبت أن حقيقة تواجدنا لم تكن مادية. لكن الأبحاث أغلبها لا تزال تدور في حلقة مفرغة، لأن منطلقها مادي صرف. وهذا ما أدى إلى وجود نظرية داروين والسبب هو أن وعينا الحالي، لا يستطيع الخروج من دائرة المادة. خاصة أن حواسنا الخمس مبرمجة لالتقاط فقط ما يدور في فلكها، رغم التقنيات الحديثة التي ابتكرها العلم من خلال تكنولوجيا المادة.
هل هذا يعني، أنه لا وجود لعوالم أخرى نستطيع سبرها، تمكننا من جلاء الغموض عن حقيقتنا وبالتالي معرفة كيفية تكوننا؟!
الباحث الرصين، عليه أن يحقق الانفتاح الذهني والباطني... خاصة أن الأديان برمتها، قد ذكرت أن الإنسان مخلوق خاص، يتمتع بوعي ذاتي يميزه عن باقي المخلوقات. إذاً المادة هي بمثابة إناء أو غلاف خارجي لما هو أسمى وعياً ... فلا بد من وجود أبعاد أخرى، غير البعد المادي، أدت إلى تواجد الإنسان على الشكل الحالي. كما أشارت العلوم الباطنية... أن الإنسان، مكون من جسد ونفس وروح، فيما منشأه إلهي... انحدر إلى عالم الأرض كي يتفتح على نواحي لم يستطع وعيها قبل أن يتشكل مادياً. فالمادة وسيلة اختبار وبحث وتقصي. أما الماديون، فقالوا بأن المادة هي الأصل، بزوالها يزول الإنسان من الوجود ولا يبقى منه سوى ذكرى عالقة في أذهان محبيه.
بين جميع هذه الآراء المتضاربة والمتباينة، يحاول الإنسان جلاء الغموض عنه. فلا يجد إلا السعي وراء المعرفة سبيلاً له ومعيناً في مساعدته على اكتشاف حقيقته. تارة يستعين بالعلم ليكتشف غوامض المادة. وطوراً يلجأ إلى العلوم الروحية، من علوم باطنية وفلسفات وأديان ومعارف، ليرى أوجه الالتقاء فيما بينها محاولاً ربط معلوماتها عله يصل إلى مبتغاه.
لكن طالما الإنسان يبحث خارج نفسه، لن يجد الجواب الشافي لجميع تساؤلاته، بل سيبقى أسير لاوعيه والشك مرافق له، يقوض جميع الفرضيات.
وحدها العلوم الباطنية... أشارت إلى أن هنالك قانونًا خفيًا... يربط مكونات وعي الإنسان ببعضها، اصطلح على تسميتها بالأجسام الباطنية... تشير إلى مراحل تكونه وتطوره في الماوراء... وصولاً إلى أدنى تكثفه وتواجده على الأرض. مما يشير إلى أن المادة رداء لأبعاد أسمى وعيًا. علماً أن الإنسان خلال النوم أو انتقاله من عالم الأرض إلى عالم الماوراء، يحيا في هذه العوالم الماورائية، بحيث يتفاعل وعيه مع هذه العوالم وكائناتها...فتتسجل جميع مشاهداته في وعيه الباطني إلى أن يصبح قادراً على استيعابها، كلما تطور في فهم المادة واللامادة...
لقد استطاع العلم تفتيت الذرة وإطلاق طاقتها... فصنع منها قنابل ذرية مدمرة. لكنه لم يستطع فهم سر تواجدها والتي منها تصدر الإشعاعات الذرية. هذه الطاقة المتواجدة في النواة... هي سبب تواجد الإنسان والكائنات جمعاء، هي باختصار أشعة ذبذبية لونية لا يستطيع البصر المادي رؤيتها، لأن درجة تذبذبها أسرع بكثير من مدى التقاط حواسنا المادية.
لذلك يعمد العلم إلى اختراع آلات حديثة، تمكنه من التقاط هذه الأشعة، ومنها الما فوق بنفسجية. لكن جميع محاولاته حتى الآن باءت بالفشل، لابتعاده عن فهم كيفية التقاطها... هذه الآلات التي يبحث عنها العلم متواجدة فقط في الإنسان، هي أجهزة وعيه الخفية، والتي تتمتع بحواس باطنية أسرع تذبذباً من الحواس المادية، لأنها تشكل حواس وعي الشاكرات... مداخل ومخارج أبعادنا المتصلة مباشرة بطبقات نظامنا الشمسي...
هذه الأشعة الذبذبية تتمتع بسبع سرعات، كل سرعة تعكس لوناً من ألوان قوس قزح. لدى تباطؤها تؤدي إلى تواجد ذرة عنصر مادي. وما العناصر الذرية في جدول مندلييف، سوى انعكاسات لتفاعلات ذبذبية بين هذه الأشعة، ضمن نطاق المادة. وهي ترد من الفضاء عبر ضوء الشمس وتتكثف لتصبح طاقة ضوئية فوتونية... هذه الطاقة الواردة من الفضاء، غادرت مصدرها وانعكست على الأرض لتعي حقيقتها... الإنسان وحده مكون من جميع تدرجات النور... لذلك قيل عنه، أنه جرم صغير وفيه انطوى العالم الأكبر، العالم الذي يحوي المادة - الذرة واللامادة – الذبذبة.
نشرت في مجلة الأبعاد الخفية الكويتية - عدد أيار 2007
المهندس طوني عبد النور
أستاذ في الجامعة اللبنانية