أضواء على المعجزات والأعاجيب
ما من شك أننا صادفنا في حياتنا ألعاباً سحرية مبتكرة تصلح كعرض مسرحي، لكن هنالك سحراً أبيضاً من صنيعة مقدرات الإنسان الخفية التي تحدثها أجهزة وعينا الخفية، والتي اصطلح على تسميتها بالأجسام الباطنية.
كتاب الإنسان وقواه الخفية – لكولن ولسون ، ذكر في صفحة 27 :"لم يكن السحر هو علم الماضي، إنما علم المستقبل. إنني أؤمن بأن العقل الإنساني قد بلغ نقطة في ارتقائه وتطوره أصبح فيها وشيكاً في تنمية قدرات جديدة. قدرات كانت قد اعتبرت ذات مرة قوى سحرية... قدرات مثل التواصل العقلي عن بعد، والإحساس مسبقاً بالخطر، والحاسة السادسة والبصيرة وصنع المعجزات الطبية (القدرة على الشفاء)."
قاموس الفلسفة دار لاروس- باريس، ذكر في صفحة 520 : "المعجزة miracle تشتق هذه اللفظة الفرنسية من اللاتينية ميراري وتعني الاندهاش. هي ظاهرة لا تفسرها علل طبيعية."
ولعل أكثر ما يثير التساؤل لدى البعض، سبب نضح الزيت المقدس من أيقونة لقديس أو للعذراء مريم، كما حصل في كنيسة القديس العظيم الأنبا بيشوي في مصر.
إن أسباب انبعاث الزيت من الأيقونة قد يحصل لتوفر المعطيات التالية:
1- المعلم يسوع الناصري قد بارك شجرة الزيتون، وزيتها يستخدم في الطقوس المسيحية الدينية لذا هو بدوره مبارك، قد يشير الى حضور إلهي أحدثه الإنسان لاوعياً منه...يدعونا الى تطبيق مبادئ المسيحية عندما قال أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم (مت 5: 43 ، 44) .
2- حرارة الإيمان الواعي المبني على المنطق، قد تفتح القنوات المسدودة في النفس (جرّاء ارتكاب السلبيات) لدى البعض، بعدما غسل الألم النفس من أدرانها وشوائبها. مما سمح للمؤمن موقتاً التواصل مع ذاته العليا ، عالم القداسة، فيتصل بذلك القديس، أو النبي، أو الولي، فتحدث عندئذ الأعجوبة في عالم الظاهر، من خلال نضح زيت مقدس، أو أمر مثير للدهشة بينما هي طبيعية جداً، كما حدث مع عذراء الصوفانية في سوريا. لكن للأسف الشديد، الإنسان لا يدرك ذلك. علماً أن المادة أغلبها فراغ، يمكننا تعبئته قداسة، أو غير ذلك...
3- قد يكون مرد ذلك الى تفتح وعي باطن المؤمن، بعدما نقى نفسه من سلبياتها، بحيث يكون قد اختبر في حياته السابقة حالة من القداسة انعكست أمامه في أعجوبة أحدثها وعيه الباطني دونما علم منه.
4- تدخل إلهي في حياة البشر سواء عبر ظهور أو أعجوبة من خلال الانعكاس في عالم الأرض، لكي يعودوا الى طريق الخير والصواب والإيمان والانفتاح والابتعاد عن التعصب، خاصة أن بعض البلدان تشهد تعصباً حاداً مستغرباً لا مثيل له ... وهذا نذير شؤم يتطلب تواصلاً وانفتاحاً وإيماناً واعياً، ذلك الإيمان الذي لا يرتكز فقط على الابتهالات وممارسة بعض الطقوس وتمتمة بعض الصلوات، بل على التطبيق العملي الإيجابي الإنساني الذي يدعو الى التواصل بين كافة مكونات مجتمعنا. هو إيمان اليقين بعدما تواصل الإنسان مع حقيقته النورانية الكائنة في عالم القداسة، عالم الذات الإنسانية.
فليكن إيماننا على قدر توسع محبتنا، تلك المحبة التي تنبذ البغض والبغضاء وتسعى الى اكتساب الحكمة، فتفتح مقدراتنا الخفية مصدر كل عجيبة تتجلى أمام أبصارنا ...
المهندس طوني عبد النور
أستاذ في الجامعة اللبنانية